الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد:
أصلان من أصول الدين يقبل الله بهما العبادة، ويكون المؤمن بهما عبدا لله لا عبدًا لهواه فريضة عظيمة، من أيقن بها شفاه الله من الهموم، والغموم، وشرح صدره، وجعل قلبه من القلوب المخبتة المطمئنة، وذاق طعم السعادة الحقيقة.
أصلان من أصول الدين من استمسك بهما استبرأ من النفاق، واستبرأ لدينه، وعرضه، وهداه الله إلى الصراط المستقيم.
إنّ ما أصاب الكثير من المسلمين اليوم من، وهن وضعف، وما حصل لهم من تداعي الأعداء عليهم، واستباحة دمائهم ونهب أموالهم، وخيراتهم كما تداعى الأكلة على قصعتها.
لأن منهم أناس لم يتمسكوا بكتاب الله حق التمسك، ولم يتبعوا الرسول الاتباع الحق، بل أنّ منهم من ضيع العمل بأصلين من أصول الدين، وركائزه فأفسدوا دنياهم وآخرتهم.
أما الأصل الأول فهو:
من العبادات القلبية التي هي من أصول الإيمان، وقواعد الدين فلم يرسل الله رسولا إلى قوم إلا وأول ما يدعوهم إليه هو هذا الأصل العظيم. إنه الشرط الأول من شروط قبول العمل، وهو الإخلاص لله سبحانه وتعالى قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} [الزمر:2].
والإخلاص لله هو أن تكون عباداتنا، وأعمالنا، وسكناتنا، وحركاتنا، وأقوالنا، وأفعالنا، وما نقوم به من أعمال البر، والخير خالصة لوجه الله تعالى حبا، وشوقا للقائه، ورجاءا في عفوه، وغفرانه، وخوفًا من عقابه، وانتقامه ثمّ نتوكل عليه، وندعوه تبارك وتعالى أن يرزقنا ما في عباداتنا من خيري الدنيا، والآخرة.
ولا يصل إلى هذا إلا النفوس الطاهرة المطمئنة البريئة من الشرك، والكفر والنفاق، والرياء والتعلق بالدنيا كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.
أمّا الأصل الثاني: والشرط الثاني لقبول العمل، والظفر بحب الله، وما عنده من النعيم الدائم، والنصر، والتمكين في الأرض. هو اتباع سنة الرسول صلى الله عليه، وسلم فلا نبتدع، ولا نتبع أهواءنا وأهواء المغضوب عليهم والضالين.
فنصلي ونصوم ونحج، ونقوم بكافة أنواع العبادات الواجبة والمستحبة متأسين في أداءها برسول الله قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (وصحة الاقتداء لقاح الإخلاص فإذا اجتمعا أثمر قبول العمل).
ضعف الإخلاص لله أيها الأحبة واتباع سنة رسول الله، عند كثير من الناس، بل أن الآخرين ضيعوه بالكليّة فماذا كانت النتيجة؟
يمارسون الربا والغش، والرشوة وكأن الأمر لا يعنيهم، أولادهم يجاهرون بالمعاصي يوميا، وكأن الأمر لا يعنيهم، يخرجون مع بناتهم أو زوجاتهن وهن كاسيات عاريات يلبسن لباسا لا يسترهن بل يظهر مفاتنهن، وكأنهن عاريات، والرسول قال في حق هؤلاء: «صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». [المسند الصحيح- الصفحة أو الرقم: 2128].
نساءهم كاسيات عاريات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وكأن الأمر لا يعنيهم، يرتكبون الذنوب يوميا من غيبة، ونميمة وسب، ولعن وأكل لمال الناس بالباطل، وظلم وشهادة زور وغير ذلك من المعاصي التي كانت سببًا في هلاك الأمم السالفة، وكأن الأمر لا يعنيهم.
يرون المنكر ولا ينكرون، ويعرفون الظلم فلا يعدلون، المسلمون من حولهم تستحل بلادهم ويذبح أبناؤهم ورجالهم وتستحيا نساءهم، وتنتهك أعراضهم، وتغتصب بيوتهم ويمارس أعداء الله كافة أنواع الظلم والبطش والجور وكأن الأمر لا يعنيهم.
كل هؤلاء مهدد بقول الرسول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة». [رواه مسلم] البعض في المدن أو القرى من المعلمين، والمعلمات والجنود، والقضاء والأطباء والطبيبات والتجار والتاجرات، والآباء والأمهات، والعامة والخاصة يقومون بأعمالهم لكنهم ضيعوا ثوابها الرباني كما قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].
فعلى سبيل المثال: هذا يكرم ضيفه أو يجيب الدعوة أو يساعد مسلمًا أو يتقف من أجل أن يقال له فلان والنّعم أو فلان عارفة أو مثقف همه ونيته في ذلك الشهرة، وأن يكون أحسن من فلان وهذا ما يسميه البعض القالة أو المزاعم أو الزعمة طمعا في مدح الناس وثنائهم عليه، وذاك يؤدي عمله في مجال التعليم أو الطب أو الهندسة، أو غير ذلك من أجل مصلحته الدنيوية.
فمثلًا إذا جاءت التعاميم الرسميّة من الجهات العليا، وفيها التنظيم والتوجيه، والخير يقال: نفذ هذا التعميم عن قولت ليش ما نفذتوه.
إنّ مثل هؤلاء قاموا بأعمال هي في حقيقتها من أعمال الخير، والبر لكنهم ضيعوا الأجر والثواب بل ربما تعرض البعض منهم للعقاب إذا أراد بأعمال الآخرة الدنيا.
عن أبي ابن كعب عن النبي قال: «بشّر هذه الأمّة بالسّنا والعزّة والرفعة والدين والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب». [الألباني- المصدر: صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 1332].
أما إذا أثنى الناس على رجل دون أن يكون في نيته هذا أو يكون قصده الأول وغايته الأولى ثناء الناس فهذا عاجل بشرى المؤمن قيل لرسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ قال: «تلك عاجل بشرى المؤمن». [رواه مسلم].
أحبتي في الله:
الحذر من أن تكون الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15].
لقد نزلت هذه الآية في الكفار لكنها تشمل كل من أراد بعمله الصالح الحياة الدنيا.
يقول العالم الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- حفظه الله تعالى- في شرحه (لكتاب التوحيد): (الذين يريدون الحياة الدنيا أصلًا وقصدًا وتحركًا هم الكفار، ولهذا نزلت هذه الآية في الكفار؛ لكن لفظها يشمل كل من أراد الحياة الدنيا بعمله الصالح).
ثم ذكر الشيخ حفظه الله تعالى أن علماء السلف ذكروا أربعة أنواع من الناس كلهم داخل في الوعيد المذكور في الآية:
النوع الأول:
ممن ركبوا هذا الشرك الأصغر، فأرادوا بعملهم الحياة الدنيا، أنه يعمل العمل الصالح، وهو فيه مخلص لله جل وعلا لكن يريد به ثواب الدنيا، ولا يريد به ثواب الآخرة، مثلا يعمل، يتعبد الله جل وعلا بالصلاة وهو فيها مخلص لله أداها على طواعية واختيار وامتثال لأمر الله، لكن يريد منها أن يصح بدنه، أو وصل رحمه، وهو يريد منه أن يحصل له في الدنيا الذكر الطيب والصلة، ونحو ذلك، أو عمل أعمالًا من التجارة والصدقات، وهو يريد بذلك تجارة.
لكي يكون عنده مال، فيتصدق، وهو يريد بذلك ثواب الدنيا، فهذا النوع عمل العبادة امتثالا للأمر، ومخلصا فيها لله، ولكنه طامع في ثواب الدنيا، وليس له همة في الآخرة، ولم يعمل هربا من النار وطمعًا في الجنة، فهذا داخل في هذا النوع وداخل في قوله: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} [هود: 15].
والأعمال التي يعملها العبد، ويستحضر فيها ثواب الدنيا على قسمين:
القسم الأول:
أن يكون العمل الذي عمله، واستحضر فيه ثواب الدنيا، وأراده، ولم يرد ثواب الآخرة، لم يرد الشرع فيه بذكر ثواب الدنيا مثل الصلاة والصيام، ونحو ذلك من الأعمال والطاعات، فهذا لا يجوز له أن يريد به الدنيا، ولو أراد به الدنيا، فإنه مشرك ذلك الشرك.
والقسم الثاني:
أعمال رتب الشارع عليها ثوابًا في الدنيا، ورغب فيها بذكر ثواب لها في الدنيا، مثل صلة الرحم، وبر الوالدين، ونحو ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» [الجامع الصحيح- الصفحة أو الرقم: 5985].
فهذا النوع إذا استحضر في عمله، حين يعمل هذا العمل، استحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل، ولم يستحضر الثواب الأخروي، فاستحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل، ولم يستحضر الثواب الأخروي، فإنه داخل في الوعيد، فهو من أنواع ذلك الشرك.
لكن إن استحضر الثواب الدنيوي والثواب الأخروي معا، له رغبة فيما عند الله في الآخرة يطمع في الجنة، ويهرب من النار، واستحضر ثواب هذا العمل في الدنيا، فإنه لا بأس بذلك، لأن الشرع ما رغب فيه بذكر الثواب في الدنيا إلا للحض عليه.
فمن قتل قتيلًا فله سلبه فقتل القتيل في الجهاد، لكي يحصل على السلب هذا، ولكن قصده من الجهاد الرغبة فيما عند الله جل وعلا مخلصا فيه لوجه الله، لكن أتى هذا من زيادة الترغيب له، ولم يقتصر على هذه الدنيا، بل قلبه معلق أيضا بالآخرة، فهذا النوع لا بأس به، ولا يدخل في النوع الأول مما ذكره السلف في هذه الآية.
النوع الثاني:
مما ذكره السلف مما يدخل تحت هذه الآية: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ} [هود: 15].
أنه يعمل العمل الصالح لأجل المال، فهو يعمل العمل لأجل ما يحصله من المال، مثل أن يدرس ويتعلم العلم الشرعي لأجل الوظيفة فقط، وليس في همه رفع الجهالة عن نفسه، ومعرفة العبد بأمر ربه، ونهيه والرغبة في الجنة، وما يقرب منها، والهرب من النار، وما يقرب منها، فهذا داخل في ذلك، أو حفظ القرآن؛ ليكون إماما في المسجد، ويكون له الرزق الذي يأتي من بيت المال، فغرضه من هذا العمل، إنما هو المال، فهذا لم يعمل العمل صالحًا، وإنما عمل العمل الذي في ظاهره أنه صالح، ولكن في باطنه قد أراد به الدنيا.
والنوع الثالث:
أهل الرياء، الذين يعملون الأعمال لأجل الرياء.
والنوع الرابع:
الذين يعملون الأعمال الصالحة، ومعهم ناقض من نواقض الإسلام، يعمل أعمالًا صالحة: يصلي، ويزكي، ويتصدق، ويقرأ القرآن، ويتلو، ولكن هو مشرك الشرك الأكبر، فهذا وإن قال إنه مؤمن، فليس بصادق في ذلك؛ لأنه لو كان صادقًا لوحد الله جل وعلا.
أحبتي في الله:
إذا كان كثير من الناس ما قدروا الله حق قدره فهذا لا يعني أنّ الأمة قد هلكت، فالخير مازال في أمة محمد، إلى أن تقوم الساعة قال الرسول: «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة حتى يأتي أمر الله». [البخاري].
فهنا وهناك من الأئمة والعلماء والولاة من حكم بالعدل ورفق برعيته، فمنحه الله من العلو والرفعة، والعزة والعطايا في دنياه، وعند لقاء ربه، ومن ذلك قوله: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا». [صحيح مسلم].
ومن الجنود ورجال الأمن الأبطال من أخلصوا لله واتبعوا سنة رسوله فوهبهم الله من الهبات والعطايا والنعم في الدنيا والآخرة ما بينته الكثير من الآيات والأحاديث ومنها قوله: «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». [البخاري].
أما المعلمون والمعلمات الذين تمسكوا بكتاب الله وسنة رسوله وفقهم الله وبارك في علمهم وأنعم عليهم بنعمه التي لا تحصى ومنها قول الرسول: «إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير». [الألباني- المصدر: صحيح الترغيب] حسن لغيره.
ومن القضاة: «قاض عرف الحق فقضى به فهو في الجنة» المستدرك.
ومن التجار: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [النور: 37- 38].
ومن المهندسين والأطباء والعاملين والنساء والرجال من لا خوف عليهم يوم القيامة ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 277].
إن المسلم إذا جاهد نفسه على طاعة الله بإخلاص وعمل الخير بكافة أنواعه متبعًا سنة الرسول يدفعه في ذلك خوفه من الله وطمعًا ورجاء في رضاه، تحققت له الحياة السعيدة والثمار العديدة.
ومن تلك الثمار:
1- تحقيق التوحيد والسلامة من الشرك وكبائر الذنوب إلا اللّمم.
قال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].
2- الهداية والرشاد والتوفيق.
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158].
3- قبول العمل.
قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 112].
وفي صحيح الجامع يقول: «إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له مخلصًا وابتغى به وجهه».
4- حسن الخاتمة.
«من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكاة، مات والله عنه راض». [رواه ابن ماجه وضعفه الألباني].
5- النصر على الأعداء.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 64] وقال الرسول: «إنّما ينصر اللّه هذه الأمّة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم». [صحيح التّرغيب للألباني].
6- الخوف من الله والبعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها.
قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المُسْلِمِينَ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الزمر: 11- 13].
7-الحفظ من غواية إبليس.
قال تعالى: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ} [الحجر: 39- 42].
8- المسارعة في الخيرات واستجابة الدعاء.
قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِين} [الأنبياء: 89- 90].
9- دواء القلوب والعقول.
من الهوى وعشق الصور وغير ذلك من العشق الذي يترتب عليه من السوء والفحشاء والتعلق بأمور الدنيا والحسد والحقد والغل والرياء، ويحل محل ذلك الإخلاص، فينقى القلب من كل الصفات القبيحة والنوايا السيئة، ويمتلئ بمحبة الله ورسوله، وتعظيم أوامر الله وحقوقه، والغيرة في الله ولله، والشجاعة والعفة والصدق والشفقة والرحمة.
يقول ابن القيم في إغاثة اللهفان: (في القلوب أمراض لا يشفيها غير الإخلاص له وعبادته وحده فهو دائما يضرب على صاحبه حتى يسكن ويطمئن).
قال رسول الله: «ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة. فإن دعوتهم تحيط من ورائهم، ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة». [صحيح ابن حبان- وصححه الألباني].
10- طاعة ولي الأمر في غير معصية الخالق.
المخلصون لله والمتبعون لسنة رسوله لا يأخذون من الكتاب ما يناسب أهوائهم ويتركون البعض بل يؤمنون أن كلا من عند الله فيقفون عند أوامره ويستجيبون له عندما يأمرهم تبارك وتعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].
المستمسكون بالعروة الوثقى يستجيبون لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ويأخذون ببعض الكتاب لأنهم يخشون إن أخذوا ببعض الكتاب وتركوا بعضه أن يكونوا كالذين قال الله تعالى فيهم: {أَفَتُؤْمِنُون ببَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85].
11- ينال المخلص أجر الشهيد.
قال: «من سأل الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه». [رواه مسلم].
12- ينجي الله المخلصين من كيد النساء، والوقوع في السوء، والفحشاء.
قال تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
الفوز بأشرف أنواع الفراسة: قال: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله». [ضعفه الألباني: ضعيف الجامع- الصفحة أو الرقم: 127].
يقول ابن القيم في مدارج السالكين: (وأما فراسة الصادقين العارفين بالله وأمره فإن همتهم لما تعلقت بمحبة الله ومعرفته وعبوديته ودعوة الخلق إليه على بصيرة كانت فراستهم متصلة بالله متعلقة بنور الوحي مع نور الإيمان، فميزت بين ما يحبه الله وما يبغضه من الأعيان والأقوال والأعمال، وميزت بين الخبيث والطيب والمحق والمبطل والصادق والكاذب، وعرفت مقادير استعداد السالكين إلى الله، فحملت كل إنسان على قدر استعداده علما وإرادة وعمل. ففراسة هؤلاء دائما حائمة حول كشف طرق الرسول وتعرفها وتخليصها من بين سائر الطرق، وبين كشف عيوب النفس وآفات الأعمال العائقة عن سلوك طريق المرسلين، فهذا أشرف أنواع البصيرة والفراسة وأنفعها للعبد في معاشه ومعاده).
اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا.
وصلى الله وسلم على خير خلق الله محمد بن عبدلله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الكاتب: محمد عبدالعزيز الحارثي.
المصدر: موقع كلمات.